مشهد يَحير الإنسان كيف يفسره، وكيف يتفاعل معه؛ رئيس وزراء العراق المنتهية ولايته والمتمسك بالترشح للولاية الثانية نوري كامل المالكي يتلقى مباركة ولي أمره، الفقيه الولي، مرشد الجمهورية الإسلامية، الدولة الشرعية للإسلاميين .هل بعتمونا حقا لإيران؟ هل بعتم أحلامنا لخامنئي وأحمدي- نژاد؟ (حسفة) يا مالكي، (حسفة) يا حزب الدعوة، (حسفة) أيها الشيعسلاميون العراقيون.في الثمانينات أثناء الحرب العراقية الإيرانية، حيث كنا مغفلين وبالتالي مخدوعين بالنظام الإيراني، على أنه يمثل الدولة الشرعية واجبة الولاء والطاعة، وأن النظام الإيراني إنما يريد فيما يريد تحرير الشعب العراقي من ديكتاتورية صدام، كنا نتابع باهتمام وتفاعل كبيرين يوميات الحرب، أملا في تخليص الشعب العراقي على يد (الخمينية الإيرانية). ولكننا كموالين ناقدين، آنذاك، كنا من جهة أخرى متأذين ومنزعجين من ممارسات الإيرانيين تجاه المهجرين والمهاجرين العراقيين اجتماعيا من جهة، وتجاه القوى العراقية المعارضة الإسلامية بمصادرة إرادتها لصالح القرارات الإيرانية التعسفية والمتسمة بروح الاستعلاء على العراقيين بل بعض منا (في حزب الدعوة) كان ناقما على الجمهورية الإسلامية، بسبب سوء المعاملة وروح الاستعلاء. أقول في تلك الفترة، التي تمنيت لو تشطب من فلم قصة حياتي، وأثناء إحدى زياراتي لإيران، سألت مرة - معبرا عن قلقي وتذمري - أحد قياديي حزب الدعوة، الذي ترك الحزب في وقت لاحق، عما إذا كان الإيرانيون - كما يبدو عبر سلوكياتهم - يريدون أن يحكموا العراق بأنفسهم، إذا ما أسقطوا نظام صدام، فأجابني جوابا دقيقا، فيه تهكم وتذمر في آن واحد، إذ قال لي: لا، إنهم سيدعون العراقيين هم الذين يحكمون العراق بأنفسهم، لكنهم سيقومون هم بتنصيب من يريدون في مفاصل الدولة العراقية، من أعلى منصب لغاية مدير الناحية في أي زاوية من العراق. واليوم يسيل لعاب الإيرانيين، وهم يشهدون بوادر نجاح مشروعهم في احتلال العراق احتلالا غير مباشر، وهنا أذكّر بمقالتي في 11/10/2007 التي عنونتها بـ «أيها العراقيون احذروا خطر الاحتلال الإيراني»، وقلت حينها أن «أدوات هذا الاحتلال أحزاب وعمائم وميليشيات وذيول للاطلاعات»، وقارنت في المقالة بين الاحتلالين، الأمريكي الذي قلت أن البعض قد يعتبره «احتلالا فعليا وواضحا»، وبين الاحتلال الإيراني الذي «يتصوره أو يدعيه البعض احتلالا أو استعمارا وهميا»، أو هو «استعمار غير واضح». فقلت «هنا - أي بسبب عدم وضوحه كما هو الحال مع الاحتلال الأمريكي -؛ هنا بالذات مكمن الخطر، فالاحتلال الواضح مآله إن لم يكن عاجلا فآجلا الانتهاء والرحيل، أما الاحتلال الخفي، لاسيما الإيراني بحكم الجيرة والتأثير عبر العلاقات الاجتماعية والدينية، هو الأشد خطرا والأقدر على البقاء من الاحتلال الظاهر». ولذا بينت آنذاك أن «المطلوب من مخلصي السنة ومخلصي الشيعة ومخلصي أتباع سائر الديانات العراقية، وكذلك من مخلصي العرب ومخلصي الكرد ومخلصي أتباع سائر القوميات العراقية أن يدركوا الخطر الجدي للمزيد من تغلغل وتجذر النفوذ الإيراني في عراقنا الحبيب، لما يختزن هذا النفوذ من عوامل تدمير لكل ما هو وطني عراقي».